إن إِطْلاعَ أطفالِنا على ثقافات الشعوب الأخرى و التعرّف عليها عن قُرب يجعلُ منهم عند الكبر أفراداً أقلّ ميلاً إلى العنصرية و التفرقة كما أنّهُ يوسّع آفاقهم و يفتحُ في قلوبهم مساحات أكبر للمحبّة و التسامح .
و كلما حرصت المؤسسات التعليمية على تضمين المناهج مصادر معرفية ذات تنوع ثقافي أكثر، ازدادت لدى الطلاب فُرص النجاح الإجتماعي مستقبلاً حيث سيكونُ بإمكانهم التحلّي بالتسامح و تقبّل الآخر أثناء تعاملهم مع المختلفين عنهم ثقافياً أو فكرياً .
قد يتساءل الأهل داخل المنزل عن دورهم في تعزيز هذا الجانب لدى صغارهم، لذلك دعونا نتعرف إلى عدة نقاطٍ تساعد في تعريف الطفل و إطْلاعِه على ثقافات الشعوب الأُخرى بشكل إيجابي :
١- تشجيع الطفل على اقتناء أو استعارة الكتب التي ألّفها من ينتمون إلى بلادٍ أُخرى ، فالقراءةُ هي بابٌ واسعٌ يُمَكّنُ أولادنا من دخول عوالم أُخرى فيتعرّفوا على تفاصيلها بكل سهولة دون حتّى أن يغادروا أماكنهم .
٢- زيارة المراكز الثقافية و حضور الفعاليات و المهرجانات التي تعرِضُ للزوار جوانب من حضارات العالم المختلفة .
٣-إلقاءُ الضوءِ أثناء الأحاديث العائلية على ميزات او عاداتٍ معينةٍ تستحق الإعجاب لدى الشعوب الأُخرى، و الإبتعاد عن إطلاق الأحكام و التعميم فيما يتعلق بالجوانب السلبية، فذلك يُمهّد الطريق أمامَ صغارنا لتَبنّي مبادئ هامة كتقبّل الآخر، و التسامح و الإنفتاح دون الحاجة إلى التخلّي عن أيٍّ من قيمهم و ثقافتهم .
٤-يكتسبُ الأطفالُ الكثيرَ عندما نصطحبهم لزيارة بلدانٍ أُخرى ، فالسفرُ واحدٌ من أهم التجارب التي تُثري عقولهم و تُقرِّب إلى مداركهم فكرةَ اتّساع هذا العالم و تنوعِ ساكنيه و كيف يتوجّب علينا احترامُ اختلافنا عنهم على جميع الأصعدة.
٥- و أخيراً، لا بدّ من التذكير بأنّ اطّلاع الأطفال على اللغات الأُخرى يفتحُ آفاقاً واسعةً لديهم، إذ أَنَّ اللغة ليست مجرد حروف أو جملٍ أو مجموعة من القواعد تحكمها، بل هي واجهةُ تعكس ثقافة الشعوب و تكمّلها بشكل كبير و لا يمكن الفصل بين الاثنين أبداً.
و في حال تمكّن الأهلُ من تعليم أولادهم لغةً إضافيةً يعبُرون من خلالها جسور التعرّف على حضارات الأُمم الأُخرى فذلك دونما شكّ سيكونُ مفيداً جداً لهم على عدّة أصعِدة.
في الختام ، لستُ أجدُ خيراً من هذه الآية القرآنية التي يحثُّنا فيها اللهُ على كل ما سبَق ذكرهُ في جملةٍ واحدة :
“يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا”