كان سقراط يقول:
“التربية الأخلاقية أهم للإنسان من خبزه و ثوبه.“!
تُرى ، هل بالَغ سُقراط عندما قال تلك العبارة ؟ حسناً قد يقول البعضُ ذلك و لكنني و بعد تجربة الأُمومة لثلاثة عشر عاماً أكاد أجزِمُ أنّهُ مُحِقّ!
إن بناء منظومةٍ متكاملةٍ من الأخلاق الحَسنَة لدى أطفالنا هو أمرٌ نسعى إليه كأهلٍ بأقصى جهدنا ، و نبذلُ في سبيله الكثير من الوقت و التعب ، فنحن ندرك تماماً أن منظومة الطفل الأخلاقية سترسُم شخصيته في مجتمعه و بين أقرانه و سُتُعينُه على خوضِ تجارب الحياة بنجاح و ثبات.
هنالك آليّاتٌ عديدةٌ لبناء منظومة الطفل الأخلاقية و لعلّ أهمها:
- الحرصُ على إحاطةِ الطفل دوماً بدائرةٍ اجتماعيةٍ من المعارف و الأصدقاء ذوي الأخلاق الحسنةِ بحيثُ يُساهمون بشكلٍ لا مباشر في صياغة ِ و قَوْلَبَةِ شخصية الطفل السليمةِ على المدى الطويل.
- التأكد من تطبيق الأهل أنفسهم كل قيمةٍ اخلاقية ينصحون بها طفلهم: فالطفلُ قبل سنّ المُراهقةِ لا يرى قدوةً له في الحياةِ خيراً من أهله، و لا يُشكّل أي تصوّرٍ عن القيمِ العُليا إلاّ عن طريق أبويه. و ذلك مصداقُ قولٍ مشهور ورد في الإنجيل:” مارِس ما تُبَشّر بِه ” .
- الإستعانةُ بسرد القصص المؤثرة: فالأطفال يُحبون سماع الحكايا و يقومون غالباً بإسقاطِها على تجاربهم اليومية و ما يحصل معهم، و من هنا تأتي أهمية انتقاء القصص ذات المُحتوى الأخلاقي السّليم و سردها على مسامع الطفل بطريقةٍ مشوّقة لكي تُساهمَ بشكلٍ غير مباشر في بناءِ منظومتِه الأخلاقية .و أذكُرُ هنا ما قاله البروفسور “روبرت ميكي” :”يُعتبر سردُ القصصِ أقوى طريقة لنشر الأفكار في العالم “.! ومن أجل هذه النّقطة بالذات أؤمن جداً بأهمية الرسالة التي يمكن ان توصلها القصص المحكيّة في موادّ الرسوم المُتحرّكة الموجهة للاطفال مثلى شركة : “آية أنيميشنز “و التي تعمل بشكل إحترافيٍّ على إنتاج مسلسلاتٍ ملأى بالقصص الجميلة ذات المحتوى الأخلاقي الهادف و القيَم العُلْيا.
- استخدام أسلوب الثّناء و المديح مِن قِبَل الأهل كلّما قام الطفل باختيار ٍ أخلاقيٍّ سليم، و ذلك لتشجيعِه و حثّهِ على تكرار اختياره. فلنَقُل مَثَلاً أن الطفل سَكَبَ الحليب على سجادة الغرفة و كان بإمكانه اللّجوء إلى الكذب باتهام أخيه الصغير بذلك لكنّهُ اختار “الصّدق” و أخبر أمّه بالحقيقة ، و هنا تأتي أهمية الثناء و المديح كي يشعر أن ما فعَلَه قد تمّ تقديرهُ من مُحيطه و شكرُه عليه ! و بالتالي فحين تكرار حوادث مشابهةٍ فلا شكّ أنّ هذا الطفل سيدفعُه التشجيع و الثناء إلى اختيار قيمة “الصّدق” دوماً !
- أخيراً، لا يخفى على أحد أهمية القراءة في صياغة منظومة القيم لدى الأطفال، فالكتب التي يقرؤها أطفالنا ليست مجرد سطور ٍ و صفحات يقلّبونها بل هي خُلاصةُ عقول و عُصارةُ تجارب عاشها آخرون و لن يذهب تأثيرها سُدى ! فهي تعمل على صياغة أفكار أولادنا و تحديد قيمهم الأخلاقية .لذلك فإن الأهل مُطَالَبون بمراقبةِ ما يشتريه الطفل أو يقتنيه من كتب و التأكّد من موافقةِ محتواها لِما يُريدون زرعه في عقول أولادهم الصغار .و يذكّرني هذا بقول ماري إلين تشيس :”لا بديل عن الكتب في حياة الطفل.”
إننا حينما نزرع في نفوس أطفالنا قيَماً أخلاقية عالية فإننا نساهم دون شكٍّ في بناء مجتمع متماسكٍ لا تهزّهُ موجات الانحدار الاجتماعي بسهولة و لا تخترقه الأفكارُ الدّخيلةُ إلّا في ما نَدَر .. فلنعمل على بناء حصنٍ منيع من الاخلاق الحسنة حول بيوتنا لكي ينعم اطفالنا بعيشٍ رغيد في المستقبل.